الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان **
حدثنا العباس بن هشام عن أبيه هشام بن محمد عن ابن خربوز المكي وغيره قالوا: كانت السيول بمكة أربعة. منها سيل أم نهشل وكان في زمن عمر بن الخطاب. أقبل السيل حتى دخل المسجد من أعلى مكة فعمل عمر الردمين جميعًا. الأعلى بين دار ببة - وهو عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف الذي ولى البصرة في فتنة ابن الزبير اصطلح أهلها عليه - ودار أبان بن عثمان بن عفان. قال: وأم نهشل بنت عبيدة بن سعيد بن العاص بن أمية ذهب بها السيل من أعلى مكة فنسب إليها. ومنها سيل الجحاف والجراف في سنة ثمانين في زمن عبد الملك بن مروان صبح الحاج يوم الاثنين فذهب بهم وبأمتعتهم وأحاط بالكعبة. فقال الشاعر: لم تر غسان كيوم الاثنين أكثر محزونًا وأبكى للعين إذ ذهب السيل بأهل الصرين وخرج المخآت يسعين شواردًا في الجبلين يرقين فكتب عبد الملك إلى عبد الله بن الخزومي عامله على مكة - ويقال بل كان عامله يومئذ الحارث بن خالد المخزومي الشاعر - يأمره بعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادي وضفائر المسجد وعمل الردم على أفواه السكك لتحصين دور الناس وبعث لعمل ذلك رجلًا نصرانيًا فاتخذ الضفائر وردم الردم الذي يعرف بردم بني قراد وهويعرف ببني جمح واتخذت ردوم بأسفل مكة. قال الشاعر: سأملك عبرة وأفيض أخرى إذا جاوزت ردم بني قراد ومنها السيل الذي يدعى المخبل أصاب الناس في أيامه مرض في أجسادهم وخبل في ألسنتهم فسمي المخبل. ومنها سيل أنى بعد ذلك في خلافة هشام ببن عبد الملك في سنة عشرين ومئة يعرف بسيل أبي شاكر وهو مسلمة بن هشام وكان على الموسم ذلك العام فنسب إليه. قال: وسيل وادي مكة يأتي من موضع يعرف بسدرة عتاب بن أسيد بن أبي العيص. قال عباس بن هشام: وقد كان في خلافة المأمون عبد الله بن الرشيد رحمه الله سيلٌ عظيم بلغ ماؤه قريبًا من الحجر. فحدثني العباس قال: حدثني أبي عن أبيه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن عكرمة قال: درس شيء من معالم الحرم على عهد معاوية بن أبي سفيان. فكتب إلى مروان بن الحكم وهو عامله على المدينة يأمره إن كان كرز بن علقم الخزاعى حيًا أن يكلفة إقامة معالم الحرم لمعرفته بها. وكان معمرًا فأقامهم عليها فهي مواضع الأنصاب اليوم. قال الكلبي: هذا كرز بن علقمة بن هلال بن جريبة بن عبد نهم ابن حليل بن حبشية الخزاعى. وهو الذي استخفى فيه وأبو بكر الصديق معه حين أراد الهجرة إلى المدينة فرأى عليه نسج العنكبوت ورأى دونه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفها فقال: هذه قدم محمد الطائف قال: لما هزمت هوازن يوم حنين وقتل دريد بن الصمة أتى فلهم أوطاس. فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري فقتل. فقام بأمر الناس أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري. وأقبل المسلمون إلى أوطاس فلما رأى ذلك مالك بن عوف بن سعد أحد بنى دهمان بن نصر ابن معاوية بن بكر بن هوازن - وكان رئيس هوازن يومئذ - هرب إلى الطائف فوجد أهلها مستعدين للحصار قد رموا حصنهم وجمعوا فيه الميرة. فأقام بها وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين حتى نزل الطائف فرمتهم ثقيف بالحجارة والنبل ونصب رسول الله صلى الله عليه وسلم منجنيقًا على حصنهم وكانت مع المسلمين دبابة من جلود البقر فألقت عليها ثقيف سكك الحديد المحماة فأحرقتها فأصيب من تحتها من المسلمين وكان حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف خمس عشرة ليلة. وكان غزوه إياها في شوال سنة ثمان. قالوا: ونزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق من رقيق أهل الطائف منهم أبو بكرة بن مسروح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه نقيع ومنهم الأزرق الذي نسبت الأزارقة إليه كان عبدًا روميًا حدادًا وهو أبو نافع بن الأزرق الخارجي. فأعتقوا بنزولهم. ويقال إن نافع بن الأزرق الخارجي من بنى حنيفة وأن الأزرق الذي نزل من الطائف غيره. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى الجعرانة ليقسم سبى أهل حنين وغنائمهم. فخافت ثقيف أن يعود إليهم. فبعثوا إليه وفدهم فصالحهم على أن يسلموا ويقرهم على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم واشترط عليهم أن لا يربوا ولا يشربوا الخمر وكانوا أصحاب ربا. وكتب لهم كتاباز قال: وكانت الطائف تسمى وج فلما حصنت وبنى سورها سميت الطائف. حدثني المدائني عن أبي اسماعيل الطائفي عن أبيه عن أشياخ من أهل الطائف قال: كان بمخالف الطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب فأقاموا بها للتجارة فوضعت عليهم الجزية ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف. قالوا: وكانت للعباس بن عبد المطلب رحمه الله أرض بالطائف. وكان الزبيب يحمل منها فينبذ في السقاية للحج وكانت لعامة قريش أموال بالطائف يأتونها من مكة فيصلحونها فلما فتحت مكة وأسلم أهلها طمعت ثقيف فيها حتى إذا فتحت الطائف أقرت في أيدي المكيين وصارت أرض الطائف مخلافًا من مخاليف مكة. حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا الواقدي عن محمد بن عبدالله عن الزهري عن ابن المسيب. عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تخرص أعتاب ثقيف كخرص النخل ثم تؤخذ زكاتهم زبيبًا كما تؤدي زكاة النخل. قال الواقدي: قات أبو حنيفة لايخرص ولكنه إذا وضع بلأرض أخذت الصدقة من قليله وكثيره. وقال يعقوب إذا بالأرض فبلغت مكيلته خمسة أوسق ففيه الزكاة العشر أو نصف العشر. وهو قول سفيان بن سعيد الثوري والوسق ستون صاعًا. حدثنا شيبان بن أبي شيبه قال: حدثنا حماد بن سلمىقال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عمر أنه جعل في العسل العشر. حدثنا داود بن عبد الحميد قاضي القة عن مروان بن شجاع عن خصيف عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله على مكة والطائف: إن في الخلايا صدقة فخذوها منها قال: والخلايا الكوثر. وقال الواقدي: وروى عن ابن عمر أنه قال: عمر أنه قال: ليس في الخلايا صدقة. وقال مالك والثورى: لازكاة في العسل وإن كثر وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: في قليل العسل وكثيره إذا كان في أرض العشر العشر وإذا كان في ارض الخراج وقال الواقدي: أخبرني القاسم بن معن ويعقوب عن أبي حنيفة أنه قال في العسل يكون في أرض ذمى وهي من أرض العشر إنه لا عشر عليه وعلى أرضه الخراج. وإذا كان في أرض تغلبي أخذ منه الخمس. وقول زفر مثل قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا كان العسل في أرض الخراج فلا شيء فيه وإذا كان في أرض العشر ففي كل عشرة أرطال رطل. وقال محمد بن الحسن: ليس فيما دون أفراق صدقة وهو قول ابن أبي ذئب. وروى خالد بن عبد الله الطحان عن ابن أبي ليلى أنه قال: إذا كان في أرض الخراج أو العشر ففي كل عشرة أرطال رطل. وهو قول الحسن بن صالح بن حي. وحدثني أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري قال: في كل عشرة زقاق زق. وحدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرقاشي عن جعفر بن نجيح المديني عن بشر بن عاصم وعثمان بن عبد الله بن أوس أن سفيان بين عبد الله الثقفي كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان عاملًا له على الطائف يذكر أن قبله حيطانًا فيها كروم وفيها من الفرسك والرمان وما هو أكثر غلة من الكروم أضعافًا واستأمره في العشر. قال: فكتب إليه عمر: ليس عليها عشر. قال يحيى بن آدم: وهو قول سفيان بن سعيد سمعته يقول: ليس فيما أخرجت الأرض صدقة إلا أربعة أشياء: الحنطة والشعير والتمر والزبيب أذا بلغ كل واحد من ذلك خمسة أوسق. قال: وقال أبو حنيفة فيما أخرجت أرض العشر العشر ولو دستجة بقل. وهو قول زفر. وقال مالك وابن أبي ذئب ويعقوب: ليس في البقول وما أشبهها صدقة. وقالوا: ليس فيما دون خمسة أو سق من الحنطة والشعير والذرة والسلت والزوان والتمر والزبيب والأرز والسمسم والجلبان وأنواع الحبوب التي تكال وتدخر مع العدس واللوبيا والحمص والماش والدخن صدقة فإذا بلغت خمسة أو سق ففيها صدق. قال الواقدي: وهذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وقال الزهري: التوابل والقطانى كلها تزكى. وقال مالك: لاشيء في المثرى والفرسك وهو الخوخ ولا في الرمان وسائر أصناف الفواكه قال أبو يوسف: ليس الصدقة إلا فيما وقع عليه القفيز وجرى عليه الكيل. وقال أبو الزناد وابن أبي ذئب وابن أبي سبرة: لا شيء في الخضر والفواكه من صدقة ولكن الصدقة في أثمانها ساعة تباع. وحدثني عباس بن هشام عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عثمان بن أبي العاص الثقفي على الطائف. تبالة وجرش حدثني بكر بن الهيثم عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أسلم أهل تبالة وجرش عن غير قتال. فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أسلموا عليه وجعل على كل حالم ممن بهما من أهل الكتاب دينارًا واشترط عليهم ضيافة المسلمين وولى أبا سفيان بن حرب جرش. تبوك وأيلة وأذرح ومقنا والجرباء قالوا: توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك من أرض الشام لغزو من انتهى إليه أنه قد تجمع له من الروم وعاملة ولخم وجذام وغيرهم وذلك في سنة تسع من الهجرة لم يلق كيدًا. فأقام بتبوك أيامًا فصالحه أهلها على الجزية. وأتاه وهو بها يحنه بن رؤبة صاحب أيلة فصالحه على أن جعل له على كل حالم بأرضه في السنة دينارًا. فبلغ ذلك ثلاث مئة دينار. واشترط عليهم قرى من مر بهم من المسلمين وكتب لهم كتابًا بأن يحفظوا ويمنعوا. فحدثني محمد بن سعد قال: حدثنا الواقدي عن خالد بن ربيعة عن طلحة الأبلى أن عمر بن عبد العزيز كان لا يزداد من أهل أيلة على ثلاث مئة دينار شيئًا. وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أذرح على مئة دينار في كل رجب. وصالح أهل الجرباء على الجزية وكتب لهم كتابًا. وصالح أهل منا على ربع عروكهم - والعروك خشب يصطاد عليه - وربع كراعهم وعلى ربع ثمارهم وكانوا يهودًا وأخبرني بعض أهل مصر أنه رأى كتابهم بعينه في جلد أحمر دارس الخط فنسخه وأملي على نسخته. بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى بني حبيبة وأهل مقنا. سلم أنتم. فإنه أنزل على أنكم راجعون إلى قريتكم فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون ولكم ذمة الله وذمة رسوله. وإن رسول الله غفر لكم ذنوبكم وكل دم أتبعتم به لاشريك لكم في قريتكم إلا رسول الله أو رسول رسول الله وإنه لاظلم عليكم ولا عدوان. وإن رسول الله يجيركم مما يجير منه نفسه فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم والكراع والحلقة إلا ما عفا عنه رسول الله أو رسول رسول الله. وأن عليكم بعد ذلك ربع ما أخرجت نخيلكم وربع ما صادت عككم وربع ما اعتزلت نساؤكم. وإنكم قد برئتم بعد ذلكم ورفعكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل جزية وسخرة. فإن سمعتم وأطعتم فعلى رسول الله أن يكرم كريمكم ويعفو عن مسيئكم ومن ائتمر في بني حبيبة وأهل مقنا من المسلمين خيرًا فهو خير له ومن أطلعهم بشر فهو شر له وليس عليكم أمير إلا من أنفسكم أو من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتب على بن أبو طالب في سنة تسع. دومة أتجندل قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي ثم السكوني بدومة أتجندل فأخذه أسيرًا وقتل أخاه وسلبه قباء ديباج منسوجًا بالذهب وقدم بأكيدر على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له ولأهل دومة كتابًا نسخته: بسم اله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى بني حبيبة وأهل مقنا. سلم أنتم. فإنه أنزل على أنكم راجعون إلى قريتكم فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون ولكم ذمة الله وذمة رسوله. وإن رسول الله قد غفر لكم ذنوبكم وكل دمٍ أتبعتم به لا شريك لكم في قريتكم إلا رسول الله أو رسول رسول الله وإنه لاظلم عليكم ولا عدوان. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيركم مما يجير منه نفسه فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم والكراع والحلقة إلا ما عفا عنه رسول الله أو رسول رسول الله. وإن عليكم بعد ذلك ربع ما أخرجت نخيلكم وربع ما صادت عرككم وربع ما اعتزلت نساؤكم. وإنكم قد برئتم بعد ذلكم ورفعكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل جزية وسخرة. فإن سمعتم وأطعتم فعلى رسول الله أن يكرم كريمكم ويعفو عن مسيئكم ومن ائتمر في بنى حبيبة وأهل مقنا من المسلمين خيرًا فهو خير له ومن أطلعهم بشرٍ فهو شرٌ له. وليس عليكم أميرٌ إلا من أنفسكم أو من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتب علي بن أبو طالب في سنة تسع. دومة أتجندل قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي ثم السكوني بدونة أتجندل فأخذه أسيرًا وقتل أخاه وسلبه قباء ديباج منسوجًا بالذهب وقدم بأكيدر على التبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وكتب له ولأهل دومة كتابًا نسخته: هذا كتاب من محمد رسول الله أكيدر حين أجاب إلى الاسلام وخلع الأنداد والأصنام ولأهل دومة. إن لنا الضاحية من الضحل والبور والمعامى وأغفال الأرض والحلقة والسلاح والحافر والحصن ولكم الصامنة من النخل والمعين من المعمور. لاتعدل سارحتكم ولا تعد فاردتكم ولا يحظر عليكم التبات تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة بحقها. عليكم بذلك عهد الله والميثاق ولكم به الصدق والوفاء. شهد الله ومن حضر من المسلمين. الضاحى البارز والضحل الماء القليل والبور الأرض التي لم تستخرج ولم تعتمل والمعامى الأرض المجهولة والأغفال التي لا آثار فيها والحلقة الدروع والحافر الخيل والبرازين والبغال والحمير والحصن حصنهم والضامنة النخيل الذي معهم في الحصن والمعين الماء الظاهر الدائم. وقوله: لا تعدل ماشيتكم أي لانصدقها إلا في مراعيها ومواضعها لا نحشرها وقوله: لاتعد فاردتكم يقول: لا تضم الفاردة إلى غيرها ثم يصدق الجميع فيجمع بين متفرق. وحدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه. عن جده قال: وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر فقدم به عليه فأسلم فكتب له كتابًا. فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم منع الصدقة ونقض العهد وخرج من دومة أتجندل فلحق بالحيرة وابتنى بها بناء سماه دومة بدومة أتجندل. وأسلم حريث بن عبد الملك أخوه على ما في يده فسلم ذلك له. فقال سويد بن شبيب الكلبي: لا يأمنن قومٌ عثار جدودهم كما زال من خبتٍ ظعائن أكدرا قال: وتزوج يزيد بن معاوية ابنة حريث أخي أكيدر. قال العباس: وأخبرني أبي عن عوانة بن الحكم أن أبا بكر كتب إلى خالد ابن الوليد وهو بعين التمر يأمره أن يسير إلى أكيدر. فسار إليه فقتله وفتح دومة. وكان قد خرج منها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد إليها فلما قتله خالد مضى إلى الشام. وقال الواقدي: لما شخص خالد من العراق يريد الشام مر بدومة أتجندل ففتحها وأصاب سبايا فكان فيمن سبا منها ليلى بنت الجودي الغساني. ويقال إنها أصيبت في حاضر من غسان أصابتها خيل له. وابنة الجودي هي التي كان عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق هويها وقال فيها: تذكرت ليلى والسماوة بيننا وما لابنة الجودي ليلى وماليا فصارت له فتزوجها وغلبت عليه حتى أعرض عن من سواها من نسائه. ثم إنها اشتكت وقال الواقدي: كان النبي صلى الله عليه وسلم غزا دومة أتجندل في سنة خمس فلم يلق كيدًا ووجه خالد بن الوليد إلى أكيدر في شوال سنة تسع بعد إسلام خالد بن الوليد بعشرين شهرًا. وسمعت بعض أهل الحيرة يذكر أن أكيدر وإخوته كانوا ينزلون دومة الحيرة. وكانوا يزوؤون أخوالهم من كلب فيتغربون عندهم. فإنهم لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينةٌ متهدمة لم يبق إلا بعض حيطانها وكانت مبنيةً بالجندل. فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره وسموها دومة الحيرة. وحدثني عمرو بن محمد الناقد عن عبد الله بن وهب المصري عن يونس الأبلى عن الزهرى قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة إلى أهل دومة أتجندل. وكانوا من عباد الكوفة. فاسر أكيدر رأسهم فقاضاه على الجزية. صلح نجران حدثني بكر بن الهيثم قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يونس بن يزيد الأيلى عن الزهري قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم السيد والعاقب وافدا أهل نجران اليمن فسألاه الصلح. فصالحهما عن أهل نجران على ألفى حلة في صفر وألف حلة في رجب ثمن كل حلة أوقية والأوقية وزن أربعين درهما. فإن أدوا حلة بما فوق الأوقية حسب لهم فضل ذلك وإن أدوها بما دون الأوقية أخذ منهم النقصان وعلى أن يؤخذ منهم ما أعطوا من سلاحٍٍ أو خيلٍ أو ركابٍ أو عرضٍ من العروض بقيمته قصاصًا من الحلل وعلى أن يضيفوا رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا فما دونه ولا يحبسوهم فوق شهر وعلى أن عليهم عارية ثلاثين درعًا وثلاثين فرسًا وثلاثين بعيرًا إن كان باليمن كيد وأن ما هلك من تلك العارية فالرسل ضامنون له حتى يردوه وجعل لهم ذمة الله وعهده وأن لا يفتنوا عن دينهم ومراتبهم فيه ولا يحشروا ولا يعسروا. واشترط عليهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به. حدثني الحسين بن السود حدثنا وكيع قال: حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن قال: جاء راهبا نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الاسلام فقالا: إنا قد أسلمنا قبلك. فقال كذبتما. يمنعكما من الاسلام ثلاث: أكلكما الخنزير وعبادتكما الصليب وقولكما لله ولد. قالا: فمن أبو عيسى - قال الحسن: وكان صلى الله عليه وسلم لا يعجل حتى يأمره ربه - فأنزل الله تعالى: - إلى قوله - فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما ثم دعاهما إلى المباهلة وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين. فقال أحدهما لصاحبه: اصعد الجبل ولا تباهله فإنك إن باهلته بوءت باللعنة. قال: فما ترى قال: أرى أن نعطيه الخراج ولا نباهله. حدثني الحسين قال: حدثني يحيى بن آدم قال: أخذت نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران من كتاب رجل عن الحسن بن صالح رحمه الله وهي: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما كتب النبي رسول الله محمد لنجران إذ كان له عليهم حكمة في كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فافضل عليهم وترك ذلك ألفى حلة حلل الأواقي. في كل رجب ألف حلة وفي كل صفر الف حلة. كل حلة أوقية وما زادت حلل الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب وما قضوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب وعلى نجران مثواة رسلى شهرًا فدونه ولا يحبس رسلى فوق شهر وعليهم عارية ثلاثين درعًا وثلاثين فرسًا وثلاثين بعيرًا إ 1 ا كان كيد باليمن ذو مغدرة - أي إذا كان كيد بغدرٍ منهم - وما هلك مما أعاروا رسلى من خيل أو ركاب فهم ضمنٌ حتى يردوه إليهم. ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة. محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وغيرهم وبعثهم وأمثلتهم لا يغير ما كانوا عليه ولا يغير حق من حقوقهم وأمثلتهم لا يفتن أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا واقهٌ من وقاهيته على ماتحت أيديهم من قليل أو كثير وليس عليهم رهقٌ ولا دم جاهلية ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيشٌ من سأل منهم حقًا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين بنجران ومن أكل منهم ربًا من ذى قبل فذمتى منه بريئة ولا يؤخذ منهم رجلُ بظلم آخر ولهم على ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي أبدًا حتى يأتي أمر الله ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مكلفين شيئًا بظلم . شهد أبو سفيان ابن حرب وغيلان بن عمرو ومالك بن عوف من بنى نصر والأقرع ابن حابس الحنظلي والمغيرة وكتب. وقال يخيى بن آدم: وقد رأيت كتابًا في أيي النجرانيين كانت نسخته شبيه بهذه النسخة وفي أسفله وكتب علي بن أبي طالب ولا أدري ما أقول فيه. قالوا: ولما استخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه حملهم على ذلك. فكتب لهم كتابًا على نحو كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصابوا الربا وكثروا. فخافهم على الإسلام فأجلاهم وكتب لهم: أما بعد فمن وقعوا به من أهل السام والعراق فليوسعهم من حرث الأرض وما اعتملوا من شيء فهو لهم مكان أرضهم باليمن . فتفرقوا. فنزل بعضهم الشام ونزل بعضهم النجرانية بناحية الكوفة وبهم سميث. ودخل يهود نجران مع النصارى في الصلح وكانوا كالأتباع لهم. فلما استخلف عثمان بن عفان كتب إلى الوليد بن عقبة بن أبي معيط وهو عامله على الكوفة: أما بعد فإن العاقب والأسقف وسارة نجران أتوني بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأروني شرط عمر. وقد سالت عثمان بن حنيف عن ذلك فأنباني أنه كان بحث عن أمرهم فوجده ضارًا للدهاقين لردعهم عن ارضهم. وإني قد وضعت عنهم من جزيتهم مائتي حلة لوجه الله وعقبى لهم من أرضهم. وإني أوصيك بهم فإنهم قوم لهم ذمة . وسمعت بعض العلماء يذكر أن عمر كتب لهم: أما بعد فمن وقعوا به من أهل الشام والعراق فليوسعهم من حرث الأرض. وسمعت بعضهم يقول: من جريب الأرض وحدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي اقل: حدثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن اسماعيل بن حكيم عن عمر بن عبد العزيز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: لا يبقين دينان في ارض العرب. فلما استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجلى أهل نجران إلى النجرانية وحدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: سميت نجران اليمن بنجران بن زيد بن سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان. وحدثني الحسين بن ألسود قال: حدثنا وكيع بن الجراح قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال: كان أهل نجران قد بلغوا أربعين ألفًا فتحاسدوا بينهم فأتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: أجلنا. وكان عمر قد خافهم على المسلمين فاغتنمها فأجلاهم. فندموا بعد ذلك وأتوه فقالوا: أقلنا. فأبى ذلك. فلما قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتوه فقالوا: ننشدك خطك بيمينك وشفاعتك لنا عند نبيك إلا أقلتنا فقال: إن عمر كان رشيد الأمر وأنا أكره خلافه. وحدثني أبو مسعود الكوفي قال: حدثني محمد بن مروان والهيثم بن عدة عن الكلبي أن صاحب النجرانية بالكوفة كان يبعث رسله إلى جميع من بالشام والنواحي من أهل نجران فيجبونهم مالًا يقسمه عليهم لإقامة الحلل. فلما ولى معاوية أو يزيد بن معاوية شكوا إليه تفرقهم وموت من مات وإسلام من أسلم منهم وأحضروه كتاب عثمان بن عفان بما حطهم من الحلل وقالوا: إنما ازددنا تقصانًا وضعفًا. فوضع عنهم مائتي حلة تتمة أربع مئة حلة. فلما ولى الحجاج بن يوسف العراق وخرج ابن الاشعث عليه اتهم الدهاقين بموالاته واتهمهم معهم فردهم إلى ألف وثمان مئة حلة وأخذهم بحلل وشيٍ. فلما ولي عمر بن عبد العزيز شكوا إليه فناءهم ونقصانهم وإلحاح الأعراب بالغارة عليهم وتحميلهم إياهم المؤن المجحفة بهم وظلم الحجاج إياهم. فأمر جزيةً على رؤوسهم وليس هو بصلح عن أرضيهم وجزية الميت والمسلم ساقطة. فألزمهم مائتي حلة قيمتها ثمانية آلاف درهم. فلما ولي يوسف بن عمر العراق في أيام الوليد بن يزيد ردهم إلى أمرهم الأول عصبيةً للحجاجز فلما استخلف أمير المؤمنين أبو العباس رحمه الله عمدوا إلى طريقه يوم ظهرٍ بالموفة فألقوا فيه الريحان ونثروا عليه وهو منصرف إلى منزله من المسجد. فأعجبه ذلك من فعلهم ثم إنهم رفعوا إليه في أمرهم وأعلموه قلتهم وما كان من عمر بن عبد العزيز ويوسف بن عمر وقالوا: إن لنا نسبًا في أخوالك بني الحارث بن كعب وتكلم فيهم عبد الله بن الربيع الحارثي وصدقهم الحجاج بن أرطاة فيما ادعوا فردهم أبو العباس صلوات الله عليه إلى مائتي حلة قيمتها ثمانية آلاف درهم. قال أبو مسعود: فلما استخلف الرشيد هارون أمير المؤمنين وشخص إلى الكوفة يريد الحج رفعوا إليه في أمرهم وشكوا تعنت العمال إياهم. فأمر فكتب لهم كتابٌ بالمائتي حلة قد رأيته. وأمر أن يعفوا من معاملة العمال وأن يكون مؤداهم بيت المال بالحضرة. حدثنا عمرو الناقد قال: أخبرنا عبد الله بن وهب المصري عن يوني بن يزيد عن ابن شهاب الزهري اقل: أنزلت في كفار قريش والعرب
|